Erbil 15°C الخميس 25 نيسان 02:58

جهاد الرنتيسي لزاكروس: معظم الذين هاجموا سليم بركات كانوا أسرى تقديس درويش

الكورد جزء من مكونات الشعب الفلسطيني واللعب على وتر البُعد العصبي مضيعة للوقت

زاكروس عربية - أربيل

شدد الكاتب والصحفي جهاد الرنتيسي على أن "البُعد العصبي واحد من تفريخات الدفاعات البدائية"، وأنه يعتقد أن اللعب على هذا الوتر "مضيعة للوقت"، وأشار إلى أن معظم الذين هاجموا بركات "كانوا أسرى تقديس درويش"،  لكن " لا يمكن التعامل مع الكُتاب باعتبارهم آلهة".

أكد الرنتيسي في حوار أجرته زاكروس عربية معه، أن بركات لم يفشِ سراً حين تحدث عن أبوة محمود درويش، وأن "هناك إشارة واضحة في مراسلات محمود درويش وسميح القاسم لوجود حمل خارج إطار الزواج"، وأن ردود أفعال منتقدي مقالة بركات "متوازنة، كانت أقرب إلى الهستيريا "، وأن ما تحدث عنه بركات "يمس شيئاً ما في محافظة وسلفية هؤلاء المعجبين الحريصين على رؤية درويش قديسا".

أشار الرنتيسي إلى أن ، الظاهرة السياسية الفلسطينية عملت على الاستفادة من حضور محمود درويش الذي التصق بواحدة من أكثر قضايا الكون عدالة وتأثيراً في الضمير الإنساني.

لفت الكاتب إلى أن "الكورد جزء من مكونات الشعب الفلسطيني، يسهم في تنوع وإغناء الهوية الفلسطينية"، وأن "اليهود جزء من تاريخ وواقع منطقتنا، وبالتالي من الطبيعي حضورهم في النتاجات الثقافية".

فيما يلي نص الحوار الكامل:

  • أخذ الهجوم على الكاتب سليم بركات بعد مقالته عن الشاعر محمود درويش أشكالاً مختلفة واعتبره البعض كشفه عن سرّ أبوة محمود درويش وتعاملوا معه باعتباره «فضيحة». كيف يمكن تفسير "تجريم" مقالة بركات ووضعها في ساق الاتهام بـ "تشويه صورة محمود درويش"؟

لم يكشف بركات سرا في مقالته، ما كتبه معروف بين المهتمين بتجربة درويش في الوسط الثقافي الفلسطيني، وبعض الأوساط الثقافية العربية، وبين المحيطين والمريدين، هناك إشارة واضحة في مراسلات محمود درويش وسميح القاسم لوجود حمل خارج إطار الزواج،  يقول فيها درويش "اذا جاءتك السيدة لا تسألها عن الجنين" ، الرسالة منشورة في كتاب المراسلات، بمعنى إنها ليست سراً،  كما أن في حديث  درويش لبركات عن الطفلة ما يوحي بأنه كان يتحدث عنها للمقربين منه، ولم يكن مكترثا بإخفاء مثل هذا السر".

  • ما أن نشر سليم بركات مقالة “محمود درويش وأنا” حتى بدأ الكثيرون شحذ أقلامهم يمزقون بها النص ويطعنون كاتبه. إلى أي مدى يمكن أن نكون أمام ظاهرة “التكفيرية الأدبية”؟

هناك ما يوحي بإصرار على رفض ما لا يتناسب مع الصورة النمطية، ونزع القدسية عنها، دون مراعاة لحقيقة ما إذا كانت هذه الصورة حقيقية، وما إذا كان المثار حولها حقيقة، أظن أن معظم الذين هاجموا بركات كانوا أسرى تقديس درويش، وتجاهلهم المتعمد للكثير من تفاصيل شخصيته وممارساته، القابلة لأن تكون سلبية أو ايجابية، وبالتالي لم تكن ردود أفعالهم على المقالة متوازنة، كانت أقرب إلى الهستيريا .

  • مع الجدل الذي أحدثه "إفشاء" سليم بركات سر صديقه محمود درويش دفع البعض إلى تقمص دور "شرطي الآداب" بل ذهبوا أبعد من ذلك يرفعون لافتات القيم ويدعون الفضيلة، متناسين أنهم في حضرة نص ربما استعصى عليهم فهمه كاملاً.  باعتقادك هل سيكون على الُكتاب الأخذ بالحسبان هذه "الوصايات" أم أنها لا تتعدى أن تكون "تطاولاً عصبياً " على "عمق علاقة بين شاعرين، صديقين على عقود" ؟

يحتاج الأمر إلى التوقف عند الظاهرة الدرويشية، لا شك في امتلاك درويش أدوات الصنعة الشعرية، والقدرة على الالتصاق بواحدة من أكثر قضايا الكون عدالة وتأثيراً في الضمير الإنساني وهي قضية الشعب الفلسطيني، مر شعره بعدد من المراحل، وعملت الظاهرة السياسية الفلسطينية على الاستفادة من حضوره، هذه العوامل وغيرها أتاحت  النجومية التي تحولت لقداسة عند قطاعات واسعة من معجبيه.

ما تحدث عنه بركات يمس شيئاً ما في محافظة وسلفية هؤلاء المعجبين الحريصين على رؤية درويش قديسا، هنا كان مكمن الخلل، وبؤرة تفريخ الدفاعات البدائية التي طالت بركات والذين دافعوا عن حقه في كتابة مقالته.

البعد العصبي واحد من تفريخات الدفاعات البدائية وأعتقد أن اللعب على هذا الوتر مضيعة للوقت، لم تحل كوردية بركات دون حضوره في المشهد الثقافي الفلسطيني، والكورد جزء من مكونات الشعب الفلسطيني، يسهم في تنوع وإغناء الهوية الفلسطينية، وان كان هذا المكون صغيراً قياساً بالمكونات الأخرى .

  • هناك من ذهب إلى محاولة النيل مرة أخرى من عرق سليم بركات الكوردي، وإدخال النص أو الكاتب في سياق صراعات قومية أو تعصبات قومية. هل نحن أمام عُصابة فكرية أو أن الأدب بات انعكاساً للسياسة والجو السائد سياسياً في محيط الُكتاب؟

الأوساط الثقافية لا تخلو من أمراض، وقد يكون هناك من يحاول ركوب الموجة، واستخدامها سياسياً، وفي ذلك سذاجة، الكورد والعرب مكونات أصيلة لشعوب هذه المنطقة، بينهم من المشتركات ما يفوق عوامل الفرقة، واعتقد أن من واجب المثقف البحث عن هذه المشتركات والدفع بها إلى الواجهة، باعتبارها عامل إغناء، بدلاً من البحث عن عوامل الفرقة بين أبناء هذه المنطقة ومكوناتها، جمالية لوحة الفسيفساء في تنوعها.

  • يذهب البعض إلى إضفاء صفات قداسية ومعصومية على أدباء مثل درويش في حين يخلط أخرون بين حياة الكاتب الخاصة وإبداعه الذي يعتبر عاماً لجميع قرائه، وكلاهما يبنيان أحكاماً لا تحتمل النقاش. إلى أي مدى يمكن أن تكون رحلة البحث عن أسرار أخرى عن درويش بدأت بالفعل وهل باتتا لحياة الشخصية لـ الأيقونة الفلسطينية مشاعاً؟

درويش شخصية عامة، من حق المعجبين به الاستمتاع بسماع شعره، والوقوع في حبه، ويحق لخصومه انتقاد ما لا يتناسب مع ما يرونه صحيحاً، في جميع الأحوال لا يمكن التعامل مع الكتاب باعتبارهم آلهة، الوقوع في مثل هذا الفخ يحول المريد والمعجب إلى فريسة لكل ناقد موضوعي يأخذ في حساباته مختلف زوايا الظاهرة أو القضية التي يناقشها.

  • نصوص أدبية عربية ليست بقليلة تناولت الوجود اليهودي في مجتمعاتها، مثلما تناول سليم بركات حي اليهود في مدينته، ورسم الأدباء لهم شخصيات يتركون انطباعات مختلفة. إلا أن هناك من يعتبر أن هذا التناول باباً لـ“التطبيع” مع “الأعداء”. كيف يجد جهاد الرنتيسي هذا "التطبيع"؟

هناك حقائق لا بد من أخذها بعين الاعتبار عند التعامل مع السؤال، بينها أن اليهود جزء من تاريخ وواقع منطقتنا، وبالتالي من الطبيعي حضورهم في النتاجات الثقافية، لليهودي حضوره في الأدب الفلسطيني، ولم يغب عن الأدب العربي، وهناك كتاب يهود انحازوا لهويتهم العربية، وكتاب يهود ساهموا في تعرية عنصرية الفكرة الصهيونية وفضح عدوانية إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، لا يمكن أن نضع ذلك في خانة التطبيع مع كيان غير طبيعي، ومن غير الممكن حصر علاقة شعوب المنطقة مع اليهود في سياق الصراع مع دولة "ثكنة" تتكئ على عنصرية صهيونيتها ودورها في خدمة المشروع الامبريالي في بلادنا .

إعداد وحوار : زارا سيدا

الأدب

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن

الرد كضيف

هل ترغب في تلقي إشعارات؟
ابق على اطلاع بآخر أخبارنا وأحداثنا.